تأخر الكلام عند الأطفال: العلامات التحذيرية حسب العمر، الأسباب المحتملة، وخطوات العلاج الفعالة


يُعد تطور اللغة والكلام لدى الأطفال من أهم المهارات التي يكتسبونها في سنواتهم الأولى، 

فهي وسيلتهم الأساسية للتعبير عن أنفسهم، فهم العالم من حولهم، والتفاعل مع الآخرين. 

من الطبيعي أن يترقب الأهل بفارغ الصبر سماع كلمات طفلهم الأولى ونمو مفرداته؛ 

ولكن، ماذا لو بدا أن الطفل يتأخر في الكلام مقارنة بأقرانه؟ متى يصبح هذا التأخر مدعاة 

للقلق؟ وكيف يمكن مساعدة الطفل؟


إذا كنتِ تشعرين بالقلق حيال تطور لغة طفلكِ، فأنتِ لستِ وحدكِ. 

تأخر الكلام هو أحد مشاكل النمو الشائعة. الخبر الجيد هو أنه مع التشخيص الصحيح 

والتدخل المبكر، يمكن لمعظم الأطفال اللحاق بأقرانهم وتحقيق تقدم كبير.

 في هذا المقال، سنستعرض العلامات التي يجب الانتباه إليها، الأسباب المحتملة لتأخر 

الكلام، وخطوات العلاج الفعالة.

طفل يحاول التعبير عن نفسه باستخدام الإشارات بدلاً من الكلمات
قد يلجأ الأطفال المتأخرون في النطق إلى استخدام الإشارات للتعبير عن احتياجاتهم

 أشكال تأخر النطق عند الأطفال


لا يظهر تأخر الكلام بنفس الشكل لدى جميع الأطفال. قد تلاحظين أن طفلكِ:


* يفهم ما تقولينه جيداً ولكنه يجد صعوبة في التعبير عن نفسه بالكلمات.

* يستخدم كلمات قليلة جداً مقارنة بمن هم في نفس عمره.

* ينطق كلمات مفردة ولكنه لا يستطيع تكوين جمل بسيطة.

* يتحدث بجمل طويلة ولكنها غير مفهومة أو كلماته غير واضحة (تلعثم أو تأتأة).

* يستخدم الإشارات بشكل أساسي للتواصل بدلاً من الكلمات.


👆وكل ماسبق يعتبر صوراً مختلفة لتأخر الطفل في الكلام.



متى يصبح تأخر الكلام مدعاة للقلق؟ (العلامات التحذيرية حسب العمر)


على الرغم من أن كل طفل يتطور بوتيرته الخاصة، إلا أن هناك بعض المؤشرات العامة 

التي قد تدل على وجود تأخر في تطور اللغة والنطق وتستدعي استشارة الطبيب أو 

أخصائي النطق:

عند عمر 12 شهراً (سنة)

* لا يصدر أصواتاً متنوعة (مناغاة).

* لا يستجيب لاسمه.

* لا يستخدم الإيماءات للتواصل (مثل التلويح للوداع أو الإشارة إلى الأشياء).


عند عمر 18 شهراً (سنة ونصف)

* لا يفهم الأوامر البسيطة (مثل "أعطني الكرة").

* لا يحاول تقليد الكلمات.

* لا يمتلك حصيلة لغوية من بضع كلمات بسيطة (مثل ماما، بابا).


عند عمر 24 شهراً (سنتين)

* لا يستخدم جملاً من كلمتين (مثل "أريد ماء").

* لا يستطيع تسمية الأشياء المألوفة.

* كلامه غير مفهوم بنسبة 50% على الأقل لوالديه.


عند عمر 3 سنوات

* لا يستخدم جملاً من ثلاث كلمات أو أكثر.

* لا يطرح أسئلة بسيطة.

* كلامه غير مفهوم بنسبة 75% على الأقل لوالديه.

عند عمر 4 سنوات

* لا يستطيع سرد قصة بسيطة أو التحدث بجمل كاملة.

* كلامه لا يزال غير مفهوم للغرباء.


**ملاحظة هامة** هذه مجرد مؤشرات عامة. إذا كان لديكِ أي قلق بشأن تطور لغة طفلكِ في أي عمر، فمن الأفضل دائماً استشارة الطبيب.


أسباب تأخر الكلام عند الأطفال

يمكن أن يكون تأخر الكلام ناتجاً عن مجموعة متنوعة من العوامل، وغالباً ما يكون هناك 

تداخل بينها. ويمكن تصنيف الأسباب بشكل عام إلى:

 1. الأسباب الطبية والعضوية


***مشاكل في السمع:**

 حتى ضعف السمع البسيط أو المؤقت (بسبب التهابات الأذن المتكررة مثلاً) يمكن أن يؤثر 

بشكل كبير على تطور اللغة. من الضروري فحص سمع الطفل.


***مشاكل في الفم أو اللسان:** 

مثل "اللسان المربوط" (قصر الثنية تحت اللسان) أو مشاكل في سقف الحلق، والتي قد 

تعيق القدرة على إصدار أصوات معينة.


***اضطرابات النمو العصبي:** 

مثل اضطراب طيف التوحد، الشلل الدماغي، أو الإعاقة الذهنية، والتي تؤثر على تطور 

الدماغ بشكل عام بما في ذلك مناطق اللغة.


***الاضطرابات اللغوية المحددة (Specific Language Impairment - SLI):**

 حالة يكون فيها تطور اللغة متأخراً بشكل ملحوظ دون وجود سبب واضح آخر (مثل 

مشاكل السمع أو الإعاقة الذهنية).


***متلازمات وراثية:**

 مثل متلازمة داون.


 2. الأسباب البيئية والنفسية والاجتماعية


* **نقص التحفيز البيئي:**

 عدم التحدث مع الطفل بشكل كافٍ، قلة القراءة له، أو عدم توفير بيئة غنية باللغة والتفاعل.


* **كثرة استخدام الشاشات:** 

قضاء وقت طويل أمام الشاشات (التلفزيون، الأجهزة اللوحية) قد يقلل من فرص التفاعل 

اللغوي الحقيقي.


* **البيئة ثنائية اللغة:**

 قد يتأخر بعض الأطفال الذين ينشأون في بيئة ثنائية اللغة قليلاً في البداية، لكنهم عادةً ما 

يلحقون بأقرانهم ويمتلكون ميزة لغوية على المدى الطويل.


* **مشاكل نفسية أو اجتماعية:**
 
مثل التعرض لصدمة، الإهمال، أو وجود توتر شديد في بيئة الطفل.


* **وجود أشقاء أكبر سناً يتحدثون نيابة عن الطفل:**

 قد لا يشعر الطفل بالحاجة للتحدث إذا كان الآخرون يفهمون احتياجاته ويلبونها بسرعة.


خطوات علاج تأخر الكلام عند الأطفال

يعتمد العلاج على السبب الكامن وراء التأخر وشدته. الخطوات العامة تشمل:

الخطوة الأولى: التقييم الشامل للطفل

تبدأ رحلة العلاج بزيارة طبيب الأطفال لاستبعاد أي مشاكل طبية أساسية. قد يحيلك 

الطبيب إلى أخصائيين آخرين مثل:

*أخصائي السمع: لإجراء فحص دقيق للسمع.

*أخصائي النطق واللغة: لتقييم مهارات الطفل اللغوية (الفهم والتعبير) والنطق وتحديد 

  طبيعة المشكلة ووضع خطة علاجية.

*طبيب نفسي أو أخصائي نمو وسلوك: إذا كان هناك اشتباه في وجود اضطرابات نمو 

عصبي أو مشاكل نفسية.



 الخطوة الثانية: دور الأهل المحوري - التواصل والتشجيع

بغض النظر عن السبب، يلعب الأهل دوراً حاسماً في دعم تطور لغة طفلهم. يجب 

الحرص على:

*التحدث مع الطفل كثيراً: تحدثي عن كل ما تفعلونه معاً خلال اليوم وكذلك الأب.

*استخدام لغة بسيطة وواضحة: استخدمي جملاً قصيرة وكلمات مألوفة.

*الاستجابة لمحاولات الطفل للتواصل: حتى لو كانت غير واضحة، أظهري اهتماماً     

  وحاولي فهم ما يريد قوله.

*التشجيع والمدح: امدحي جهود الطفل في التحدث واحتفلي أمامه عند نجاحه في نطق 

  كلمة جديدة.


أب يتفاعل مع طفله باستخدام الكتب والألعاب التعليمية لتشجيع التواصل اللغوي
التفاعل اليومي مع الطفل باستخدام الكتب والألعاب يساعد على تطوير مهاراته اللغوية


 الخطوة الثالثة: التحفيز السمعي والبصري واللعب

يمكن تعزيز اللغة من خلال الأنشطة اليومية:

*القراءة للطفل بانتظام: اختاري كتباً ذات صور كبيرة وملونة.

*الغناء والأناشيد: الأغاني ذات القوافي والتكرار تساعد على تعلم الأصوات والكلمات.

*الألعاب التفاعلية: العبي معه ألعاباً تتطلب التواصل (مثل ألعاب الأدوار، ألعاب التخمين).

*تسمية الأشياء: سمّي الأشياء المحيطة بالطفل باستمرار.


 الخطوة الرابعة: جلسات التخاطب (علاج النطق واللغة)

إذا أوصى الأخصائي بذلك، فإن جلسات التخاطب المنتظمة ضرورية. يقوم الأخصائي 

بتصميم أنشطة وألعاب مخصصة لمساعدة الطفل على:

* تحسين فهم اللغة.

* زيادة المفردات.

* تعلم كيفية تكوين الجمل.

* نطق الأصوات والكلمات بشكل صحيح.

* استخدام الجُمل المتنوعة في مواقف اجتماعية مختلفة.

أخصائية نطق تستخدم بطاقات الصور والألعاب التعليمية لتحفيز مهارات النطق لدى الطفل

جلسات التخاطب المنتظمة مع الأخصائيين تساعد الطفل على تطوير مهارات النطق واللغة


الخطوة الخامسة: المتابعة والتقييم المستمر

علاج تأخر الكلام يتطلب وقتاً وصبراً. من المهم المتابعة المنتظمة مع الأخصائيين لتقييم 

تقدم الطفل وتعديل الخطة العلاجية حسب الحاجة. 

يجب على الأهل تطبيق التمارين والأنشطة الموصى بها في المنزل لتعزيز ما يتعلمه 

الطفل في الجلسات.


نصائح إضافية للأهل


*كوني صبورة وداعمة:*

 تجنبي الضغط على الطفل أو مقارنته بالآخرين.


*قللي وقت الشاشات:*

وشجعي على اللعب التفاعلي والتواصل وجهاً لوجه.


*وفري بيئة غنية باللغة:*

 تحدثي، اقرئي، غني وتفاعلي مع طفلكِ قدر الإمكان.


*احتفلي بكل تقدم:*

 حتى لو كان صغيراً بالغي في الاحتفال به ليتشجّع على قول المزيد.


*اطلبي الدعم لنفسكِ:*

 تحدثي مع أمهات أخريات يمررن بنفس التجربة أو انضمي لمجموعات دعم.


في الختام
،،،

 تذكري أن التدخل المبكر هو مفتاح مساعدة طفلكِ على تجاوز صعوبات النطق واللغة. 

بالصبر، الحب، الدعم المناسب، والتعاون مع المختصين، يمكنكِ مساعدة طفلكِ على 

تطوير مهاراته اللغوية والوصول إلى إمكاناته الكاملة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نمو الطفل الطبيعي: دليل شامل لمراحل النمو من الولادة حتى 7 سنوات

مشروعات صغيرة من المنزل: 5 أفكار مربحة للعمل والربح بدون رأس مال كبير

طرق تسهيل الولادة الطبيعية: 9 مشروبات فعالة وأوضاع مريحة للمخاض (مع تحذيرات هامة)